سورة طه
  ذلك، حذف لدلالة الكلام، وقد تعلق بهذا المحذوف {لِنُرِيَكَ} أى خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصاحية لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى. أو لنريك بهما الكبرى من آياتنا. أو لنريك من آياتنا الكبرى فعلنا ذلك.
  {اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ٢٤ قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ٢٥ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ٢٦ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي ٢٧ يَفْقَهُوا قَوْلِي ٢٨}
  {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ٢٩ هارُونَ أَخِي ٣٠ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ٣١ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ٣٢ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ٣٣}
  {وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ٣٤ إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً ٣٥}
  لما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي لعنه الله عرف أنه كلف أمرا عظيما وخطبا جسيما يحتاج معه إلى احتمال ما لا يحتمله إلا ذو جأش رابط وصدر فسيح، فاستوهب ربه أن يشرح صدره ويفسح قلبه، ويجعله حليما حمولا يستقبل ما عسى يرد عليه من الشدائد التي يذهب معها صبر الصابر بجميل الصبر وحسن الثبات، وأن يسهل عليه في الجملة أمره الذي هو خلافة الله في أرضه وما يصحبها من مزاولة معاظم الشؤون ومقاساة جلائل الخطوب. فإن قلت: {لِي} في قوله {اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} ما جدواه والكلام بدونه مستتب؟ قلت: قد أبهم الكلام أولا فقيل: اشرح لي ويسر لي، فعلم أن ثم مشروحا وميسرا، ثم بين ورفع الإبهام بذكرهما، فكان آكد لطلب الشرح والتيسير لصدره وأمره، من أن يقول: اشرح صدري ويسر أمرى على الإيضاح الساذج، لأنه تكرير للمعنى الواحد من طريقى الإجمال