الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة طه

صفحة 74 - الجزء 3

  {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ٦٧ قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ٦٨ وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ٦٩}

  إيجاس الخوف: إضمار شيء منه، وكذلك توجس الصوت: تسمع نبأة يسيرة منه، وكان ذلك لطبع الجبلة البشرية، وأنه لا يكاد يمكن الخلو من مثله. وقيل: خاف أن يخالج الناس شك فلا يتبعوه {إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى} فيه تقرير لغلبته وقهره، وتوكيد بالاستئناف وبكلمة التشديد وبتكرير الضمير وبلام التعريف وبلفظ العلوّ وهو الغلبة الظاهرة وبالتفضيل. وقوله {ما فِي يَمِينِكَ} ولم يقل عصاك: جائز أن يكون تصغيرا لها، أى: لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم، وألق العويد الفرد الصغير الجرم الذي في يمينك، فإنه بقدرة الله يتلقفها على وحدته وكثرتها، وصغره وعظمها. وجائز أن يكون تعظيما لها أى: لا تحتفل بهذه الأجرام الكبيرة الكثيرة، فإن في يمينك شيئا أعظم منها كلها، وهذه على كثرتها أقل شيء وأنزره عنده، فألقه يتلقفها بإذن الله ويمحقها. وقرئ {تَلْقَفْ} بالرفع على الاستئناف. أو على الحال، أى: ألقها متلقفة. وقرئ: تلقف، بالتخفيف. {صَنَعُوا} هاهنا بمعنى زوّروا وافتعلوا، كقوله