سورة طه
  تعالى {تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ} قرئ {كَيْدُ ساحِرٍ} بالرفع والنصب. فمن رفع فعلى أنّ {ما} موصولة. ومن نصب فعلى أنها كافة. وقرئ: كيد سحر، بمعنى: ذى سحر: أو ذوى سحر. أو هم لتوغلهم في سحرهم كأنهم السحر بعينه وبذاته. أو بين الكيد، لأنه يكون سحرا وغير سحر، كما تبين المائة بدرهم. ونحوه: علم فقه، وعلم نحو. فإن قلت: لم وحد ساحر ولم يجمع؟ قلت: لأنّ القصد في هذا الكلام إلى معنى الجنسية، لا إلى معنى العدد، فلو جمع، لخيل أنّ المقصود هو العدد. ألا ترى إلى قوله {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ} أى هذا الجنس. فإن قلت: فلم نكر أوّلا وعرف ثانيا؟ قلت: إنما نكر من أجل تنكير المضاف، لا من أجل تنكيره في نفسه، كقول العجاج:
  في سعى دنيا طالما قد مدّت
  وفي حديث عمر ¥ «لا في أمر دنيا ولا في أمر آخرة» المراد تنكير الأمر، كأنه قيل: إن ما صنعوا كيد سحري. وفي سعى دنيوى. وأمر دنيوى وآخري {حَيْثُ أَتى} كقولهم: حيث سير، وأية سلك، وأينما كان.
  {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى ٧٠}
  سبحان الله ما أعجب أمرهم. قد ألقوا حبالهم وعصيهم للكفر والجحود ثم ألقوا رؤسهم بعد ساعة للشكر والسجود، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين! وروى أنهم لم يرفعوا رؤسهم