الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة طه

صفحة 77 - الجزء 3

  {وَالَّذِي فَطَرَنا} عطف على ما جاءنا أو قسم. قرئ {تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا} ووجهها أن الحياة في القراءة المشهورة منتصبة على الظرف، قاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به، كقولك في «صمت يوم الجمعة»: «صيم يوم الجمعة» وروى أن السحرة - يعنى رؤسهم - كانوا اثنين وسبعين: الاثنان من القبط، والسائر من بنى إسرائيل، وكان فرعون أكرههم على تعلم السحر. وروى أنهم قالوا لفرعون: أرنا موسى نائما ففعل، فوجدوه تحرسه عصاه، فقالوا: ما هذا بسحر الساحر، لأن الساحر إذا نام بطل سحره، فأبى إلا أن يعارضوه {تَزَكَّى} تطهر من أدناس الذنوب. وعن ابن عباس: قال لا إله إلا الله. قيل في هذه الآيات الثلاث: هي حكاية قولهم. وقيل: خبر من الله، لا على وجه الحكاية.

  {وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى ٧٧ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ ٧٨ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى ٧٩}

  {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً} فاجعل لهم، من قولهم: ضرب له في ماله سهما. وضرب اللبن: عمله. اليبس: مصدر وصف به. يقال: يبس يبسا ويبسا. ونحوهما: العدم والعدم. ومن ثم وصف به المؤنث فقيل: شاتنا يبس، وناقتنا يبس: إذا جف لبنها. وقرئ: يبسا، ويابسا. ولا يخلو اليبس من أن يكون مخففا عن اليبس. أو صفة على فعل. أو جمع يابس، كصاحب وصحب، وصف به الواحد تأكيدا، كقوله:

  ... ومعى جياعا