الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة طه

صفحة 78 - الجزء 3

  جعله لفرط جوعه كجماعة جياع {لا تَخافُ} حال من الضمير في {فَاضْرِبْ} وقرئ: لا تخف، على الجواب. وقرأ أبو حيوة {دَرَكاً} بالسكون. والدرك والدرك: اسمان من الإدراك، أى: لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك. في {وَلا تَخْشى} إذا قرئ: لا تخف، ثلاثة أوجه: أن يستأنف، كأنه قيل وأنت لا تخشى، أى: ومن شأنك أنك آمن لا تخشى، وأن لا تكون الألف المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل ولكن زائدة للإطلاق من أجل الفاصلة، كقوله {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}، {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} وأن يكون مثله قوله:

  كأن لم ترى قبلي أسيرا بمانيا

  {ما غَشِيَهُمْ} من باب الاختصار، ومن جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة، أى: غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله. وقرئ: فغشاهم من اليم ما غشاهم. والتغشية: التغطية. وفاعل غشاهم: إما الله سبحانه. أو ما غشاهم. أو فرعون، لأنه الذي ورّط جنوده وتسبب لهلاكهم. وقوله {وَما هَدى} تهكم به في قوله {وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ}.

  {يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ