الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة فاتحة الكتاب

صفحة 12 - الجزء 1

  ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانو

  فإن قلت: ما هذه الإضافة؟ قلت: هي إضافة اسم الفاعل إلى الظرف على طريق الاتساع، مجرى المفعول به كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار، والمعنى على الظرفية. ومعناه: مالك الأمر كله في يوم الدين، كقوله: (لمن الملك اليوم). فإن قلت: فإضافة اسم الفاعل إضافة غير حقيقية إذا أريد باسم الفاعل الحال أو الاستقبال، فكان في تقدير الانفصال، كقولك: مالك الساعة، أو غدا. فأمّا إذ قصد معنى الماضي، كقولك: هو مالك عبده أمس، أو زمان مستمرّ، كقولك: زيد مالك العبيد، كانت الإضافة حقيقية، كقولك: مولى العبيد، وهذا هو المعنى في (مالك يوم الدين)، ويجوز أن يكون المعنى، مالك الأمور يوم الدين، كقوله: (ونادى أصحاب الجنة)، و (نادى أصحاب الأعراف)، والدليل عليه قراءة أبي حنيفة: (مالك يوم الدين)، وهذا الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه - من كونه ربا مالكا للعالمين لا يخرج منهم شيء من ملكوته وربويته، ومن كونه منعما بالنعم كلها الظاهرة والباطنة والجلائل والدقائق، ومن كونه مالكا للأمر كله في العاقبة يوم الثواب والعقاب بعد الدلالة