الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 294 - الجزء 3

  {حَرَّمَ اللهُ} أى حرّمها. والمعنى: حرّم قتلها. و {إِلَّا بِالْحَقِ} متعلق بهذا القتل المحذوف. أو بلا يقتلون، ونفى هذه المقبحات العظام على الموصوفين بتلك الخلال العظيمة في الدين، للتعريض بما كان عليه أعداء المؤمنين من قريش وغيرهم، كأنه قيل: والذين برأهم الله وطهرهم مما أنتم عليه. والقتل بغير الحق: يدخل فيه الوأد وغيره. وعن ابن مسعود ¥ قلت: يا رسول الله، أىّ الذنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندّا وهو خلقك» قلت: ثم أىّ؟ قال «أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك» قلت: ثم أى؟ قال «أن تزانى حليلة جارك» فأنزل الله تصديقه. وقرئ: يلق فيه أثاما. وقرئ: يلقى، بإثبات الألف، وقد مر مثله. والآثام: جزاء الإثم، بوزن الوبال والنكال ومعناهما. قال:

  جزي الله ابن عروة حيث أمسى ... عقوقا والعقوق له أثام

  وقيل هو الإثم. ومعناه: يلق جزاء أثام. وقرأ ابن مسعود رضى الله عنه: أياما، أى شدائد. يقال: يوم ذو أيام: لليوم العصيب. {يُضاعَفْ} بدل من يلق، لأنهما في معنى واحد، كقوله:

  متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا

  وقرئ: يضعف، ونضعف له العذاب، بالنون ونصب العذاب. وقرئ بالرفع على الاستئناف أو على الحال، وكذلك {يَخْلُدْ} وقرئ: ويخلد، على البناء للمفعول مخففا ومثقلا، من الإخلاد والتخليد. وقرئ: وتخلد، بالتاء على الالتفات {يُبَدِّلُ} مخفف ومثقل، وكذلك سيئاتهم. فإن قلت: ما معنى مضاعفة العذاب وإبدال السيئات حسنات؟ قلت: إذا ارتكب المشرك معاصى مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعا، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه. وإبدال السيئات حسنات: أنه يمحوها بالتوبة، ويثبت مكانها الحسنات: الإيمان، والطاعة، والتقوى. وقيل: يبدّلهم بالشرك إيمانا، وبقتل المسلمين: قتل المشركين، وبالزنا: عفة وإحصانا.