الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 323 - الجزء 3

  لشفاعته، رحمة له وحسبة، وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة. وأما الصديق - وهو الصادق في ودادك الذي يهمه ما أهمك - فأعز من بيض الأنوق. وعن بعض الحكماء أنه سئل عن الصديق فقال: اسم لا معنى له. ويجوز أن يريد بالصديق: الجمع. الكرّة: الرجعة إلى الدنيا. ولو في مثل هذا الموضع في معنى التمني، كأنه قيل: فليت لنا كرة. وذلك لما بين معنى «لو» و «ليت» من التلاقي في التقدير. ويجوز أن تكون على أصلها ويحذف الجواب، وهو: لفعلنا كيت وكيت.

  {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ١٠٥ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ ١٠٦ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ١٠٧ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ١٠٨ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ١٠٩ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ١١٠}

  القوم: مؤنثة، وتصغيرها قويمة. ونظير قوله {الْمُرْسَلِينَ} والمراد نوح #: قولك: فلان يركب الدواب ويلبس البرود، وماله إلا دابة وبرد. قيل: أخوهم، لأنه كان منهم، من قول العرب: يا أخا بنى تميم، يريدون: يا واحدا منهم. ومنه بيت الحماسة:

  لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النّائبات على ما قال برهانا

  كان أمينا فيهم مشهورا بالأمانة، كمحمد ÷ في قريش {وَأَطِيعُونِ} في نصحى