الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة لقمان

صفحة 504 - الجزء 3

  ابن نيار: تجزى عنك ولا تجزى عن أحد بعدك. وقرئ: لا يجزئ: لا يغنى. يقال: أجزأت عنك مجزأ فلان. والمعنى: لا يجزى فيه، فحذف {الْغَرُورُ} الشيطان. وقيل: الدنيا وقيل: تمنيكم في المعصية المغفرة. وعن سعيد بن جبير رضى الله عنه: الغرّة بالله: أن يتمادى الرجل في المعصية ويتمنى على الله المغفرة. وقيل: ذكرك لحسناتك ونسيانك لسيئاتك غرّة. وقرئ بضم الغين وهو مصدر غره غرورا، وجعل الغرور غارّا، كما قيل: جدّ جدّه، أو أريد زينة الدنيا لأنها غرور. فإن قلت: قوله {وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً} وارد على طريق من التوكيد لم يرد عليه ما هو معطوف عليه. قلت: الأمر كذلك، لأنّ الجملة الاسمية آكد من الفعلية، وقد انضم إلى ذلك قوله {هُوَ} وقوله {مَوْلُودٌ} والسبب في مجيئه على هذا السنن: أنّ الخطاب للمؤمنين وعليتهم: قبض آباؤهم على الكفر وعلى الدين الجاهلى، فأريد حسم أطماعهم وأطماع الناس فيهم: أن ينفعوا آباءهم في الآخرة، وأن يشفعوا لهم، وأن يغنوا عنهم من الله شيئا، فلذلك جيء به على الطريق الآكد. ومعنى التوكيد في لفظ المولود: أن الواحد منهم لو شفع للأب الأدنى الذي ولد منه، لم تقبل شفاعته، فضلا أن يشفع لمن فوقه من أجداده، لأنّ الولد يقع على الولد وولد الولد، بخلاف المولود فإنه لمن ولد منك.

  {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ٣٤}

  روى أنّ رجلا من محارب وهو الحرث بن عمرو بن حارثة أتى النبي ÷ فقال: يا رسول الله، أخبرنى عن الساعة متى قيامها، وإنى قد ألقيت حباتى في الأرض وقد