سورة الأحزاب
  الصبر على الجهاد والثبات في مرحى الحرب. حتى كسرت رباعيته يوم أحد وشجّ وجهه.
  {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً ٢١}
  فإن قلت: فما حقيقة قوله {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وقرئ: أسوة، بالضم؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أنه في نفسه أسوة حسنة، أى: قدوة، وهو الموتسى، أى: المقتدى به، كما تقول: في البيضة عشرون منا حديد، أى: هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد. والثاني: أن فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها وتتبع. وهي المواساة بنفسه {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ} بدل من لكم، كقوله {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} يرجو الله واليوم الآخر: من قولك رجوت زيدا وفضله، أى: فضل زيد. أو يرجو أيام الله. واليوم الآخر خصوصا. والرجاء بمعنى الأمل أو الخوف {وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً} وقرن الرجاء بالطاعات الكثيرة والتوفر على الأعمال الصالحة، والمؤتسى برسول الله ÷: من كان كذلك.
  {وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً ٢٢}
  وعدهم الله أن يزلزلوا حتى يستغيثوه ويستنصروه في قوله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} فلما جاء الأحزاب وشخص بهم واضطربوا ورعبوا الرعب الشديد {قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ} وأيقنوا بالجنة والنصر. وعن ابن عباس ® قال قال النبي ÷ لأصحابه: إنّ الأحزاب سائرون إليكم تسعا أو عشرا، أى: في آخر تسع ليال أو عشر، فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك. وهذا إشارة إلى الخطب أو البلاء {إِيماناً} بالله وبمواعيده {وَتَسْلِيماً} لقضاياه وأقداره،
  {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ٢٣ لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ