سورة الأحزاب
  وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ٢٤ وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً ٢٥ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً ٢٦ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ٢٧}
  نذر رجال من الصحابة أنهم إذا لقوا حربا مع رسول الله ÷ ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا، وهم: عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وحمزة، ومصعب بن عمير، وغيرهم، ¤ {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ} يعنى حمزة ومصعبا {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} يعنى عثمان وطلحة. وفي الحديث «من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشى على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة» فإن قلت: ما قضاء النحب؟ قلت: وقع عبارة عن الموت، لأنّ كل حى لا بدّ له من أن يموت. فكأنه نذر لازم في رقبته، فإذا مات فقد قضى نحبه، أى: نذره. وقوله {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ} يحتمل موته شهيدا، ويحتمل وفاءه بنذره من الثبات مع رسول الله ÷. فإن قلت: فما حقيقة قوله {صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}؟ قلت: يقال: صدقنى أخوك وكذبني، إذا قال لك الصدق والكذب. وأمّا المثل: صدقنى سنّ بكره. فمعناه: صدقنى في سن بكره، بطرح الحار وإيصال الفعل، فلا يخلو {ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} إما أن يكون بمنزلة السنّ في طرح الجار، وإمّا أن يجعل المعاهد عليه مصدوقا على المجاز، كأنهم قالوا للمعاهد عليه: سنفى بك، وهم وافون به فقد صدقوه، ولو كانوا ناكثين لكذبوه ولكان مكذوبا {وَما بَدَّلُوا} العهد ولا غيروه، لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة، ولقد ثبت طلحة مع رسول الله ÷ يوم أحد حتى أصيبت يده، فقال رسول الله ÷ «أوجب طلحة وفيه تعريض بمن بدلوا من أهل النفاق ومرض القلوب: جعل