سورة الأحزاب
  المنافقون، كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم، كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم لأنّ كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب، فكأنهما استويا في طلبهما والسعى لتحصيلهما. ويعذبهم {إِنْ شاءَ} إذا لم يتوبوا {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} إذا تابوا {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الأحزاب {بِغَيْظِهِمْ} مغيظين، كقوله {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}. {لَمْ يَنالُوا خَيْراً} غير ظافرين، وهما حالان بتداخل أو تعاقب. ويجوز أن تكون الثانية بيانا للأولى أو استئنافا {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ} بالريح والملائكة {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ} ظاهروا الأحزاب من أهل الكتاب {مِنْ صَياصِيهِمْ} من حصونهم. والصيصية ما تحصن به، يقال لقرن الثور والظبى: صيصية، ولشوكة الديك، وهي مخلبه التي في ساقه، لأنه يتحصن بها. روى أنّ جبريل # أتى رسول الله ÷ - صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم - على فرسه الحيزوم والغبار على وجه الفرس وعلى السرج، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: من متابعة قريش: فجعل رسول الله ÷ يمسح الغبار عن وجه الفرس وعن السرج، فقال: يا رسول الله، إن الملائكة لم تضع السلاح، إن الله يأمرك بالمسير إلى بنى قريظة وأنا عامد إليهم، فإن الله داقهم دق البيض على الصفا، وإنهم لكم طعمة فأذن في الناس: أن من كان سامعا مطيعا فلا يصلى العصر إلا في بنى قريظة، فما صلى كثير من الناس العصر إلا بعد العشاء الآخرة، لقول رسول الله ÷، فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، فقال لهم رسول الله ÷: تنزلون على حكمى؟ فأبوا، فقال: على حكم سعد بن معاذ؟ فرضوا به، فقال سعد: حكمت فيهم أن تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فكبر النبي ÷ وقال: «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» ثم استزلهم وخندق في سوق المدينة خندقا، وقدمهم فضرب أعناقهم وهم من ثمانمائة إلى تسعمائة وقيل كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير. وقرئ: الرعب، بسكون