الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الصافات

صفحة 44 - الجزء 4

  أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ٥٣ قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ٥٤ فَاطَّلَعَ فَرَأَىهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ٥٥ قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ٥٦ وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ٥٧}

  فإن قلت: علام عطف قوله {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ}؟ قلت: على يطاف عليهم. والمعنى: يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشرب، قال:

  وما بقيت من اللّذّات إلّا ... أحاديث الكرام على المدام

  فيقبل بعضهم على بعض {يَتَساءَلُونَ} عما جرى لهم وعليهم في الدنيا، إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله في أخباره. قرئ: من المصدّقين، من التصديق. ومن المصّدّقين مشدّد الصاد، من التصدّق، وقيل: نزلت في رجل تصدّق بماله لوجه الله، فاحتاج فاستجدى بعض إخوانه، فقال: وأين مالك؟ قال: تصدقت به ليعوضنى الله به في الآخرة خيرا منه، فقال: أإنك لمن المصدّقين بيوم الدين. أو من المتصدّقين لطلب الثواب. والله لا أعطيك شيئا {لَمَدِينُونَ} لمجزيون، من الدين وهو الجزاء. أو لمسوسون مربوبون. يقال: دانه ساسة. ومنه الحديث: «العاقل من دان نفسه،. {قالَ} يعنى ذلك القائل {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} إلى النار لأريكم ذلك القرين. قيل: إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى أهل النار. وقيل: القائل هو الله ø: وقيل بعض الملائكة يقول لأهل الجنة: هل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار. وقرئ. مطلعون، فاطلع. وفأطلع بالتشديد، على لفظ الماضي والمضارع المنصوب: ومطلعون فاطلع، وفأطلع بالتخفيف، على لفظ الماضي والمضارع المنصوب. يقال: طلع علينا فلان، واطلع، وأطلع بمعنى واحد، والمعنى: هل أنتم مطلعون إلى القرين فأطلع أنا أيضا. أو عرض عليهم الاطلاع فاعترضوه، فاطلع هو بعد ذلك. وإن جعلت الإطلاع من أطلعه غيره، فالمعنى: أنه لما شرط في اطلاعه اطلاعهم، وهو من