الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة فاتحة الكتاب

صفحة 17 - الجزء 1

  ولأنّ المغضوب عليهم والضالين خلاف المنعم عليهم، فليس في - غير - إذاً الإبهام الذي يأبى عليه أن يتعرّف، وقرئ بالنصب على الحال وهي قراءة رسول الله ÷ وعمر بن الخطاب، ورويت عن ابن كثير. وذو الحال الضمير في عليهم، والعامل أنعمت، وقيل المغضوب عليهم: هم اليهود؛ لقوله ø: {مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ}. والضالون: هم النصارى؛ لقوله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ}. فإن قلت: ما معنى غضب الله؟ قلت: هو إرادة الانتقام من العصاة، وإنزال العقوبة بهم، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده - نعوذ بالله من غضبه، ونسأله رضاه ورحمته. فإن قلت: أى فرق بين (عليهم) الأولى و (عليهم) الثانية؟ قلت: الأولى محلها النصب على المفعولية، والثانية محلها الرفع على الفاعلية. فإن قلت: لم دخلت {لَا} في {وَلَا الضَّالِّينَ}؟ قلت: لما في - غير - من معنى النفي، كأنه قيل: لا المغضوب عليهم ولا الضالين. وتقول: أنا زيداً غير ضارب، مع امتناع قولك: أنا زيداً مثل ضارب؛ لأنه بمنزلة قولك أنا زيداً لا ضارب. وعن عمر وعلى ® أنهما قرءا: وغير الضالين. وقرأ أيوب السختياني: ولا الضألين - بالهمز، كما قرأ عمرو بن عبيد: (ولا جأن) وهذه لغة من جدّ في الهرب من التقاء الساكنين. ومنها ما حكاه أبو زيد من قولهم: شأبة، ودأبة. آمين: صوت سمى به الفعل الذي هو استجب، كما أنّ «رويد، وحيهل، وهلم» أصوات سميت بها الأفعال التي هي «أمهل، وأسرع، وأقبل». وعن ابن عباس: سألت رسول الله ÷ عن معنى آمين فقال: «افعل» وفيه لغتان: مدّ ألفه، وقصرها. قال:

  وَيَرْحَمُ اللهُ عَبْداً قالَ آمِينَا