سورة المؤمن
  رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ٢٨}
  {رَجُلٌ مُؤْمِنٌ} وقرئ: رجل، بسكون الجيم كما يقال: عضد، في عضد وكان قبطيا ابن عم لفرعون: آمن بموسى سرا وقيل كان إسرائيليا و {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} صفة لرجل. أو صلة ليكتم، أى: يكتم إيمانه من آل فرعون، واسمه: سمعان أو حبيب. وقيل: خربيل، أو حزبيل. والظاهر: أنه كان من آل فرعون، فإنّ المؤمنين من بنى إسرائيل لم يقلوا ولم يعزوا. والدليل عليه قول فرعون: {أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}. وقول المؤمن {فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا} دليل ظاهر على أنه ينتصح لقومه {أَنْ يَقُولَ} لأن يقول. وهذا إنكار منه عظيم وتبكيت شديد، كأنه قال: أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة، وما لكم علة قط في ارتكابها إلا كلمة الحق التي نطق بها وهي قوله {رَبِّيَ اللهُ} مع أنه لم يحضر لتصحيح قوله بينة واحدة، ولكن بينات عدّة من عند من نسب إليه الربوبية، وهو ربكم لا ربه وحده، وهو استدراج لهم إلى الاعتراف به، وليلين بذلك جماحهم ويكسر من سورتهم، ولك أن تقدر مضافا محذوفا، أى: وقت أن تقول. والمعنى. أتقتلونه ساعة سمعتم منه هذا القول من غير روية ولا فكر في أمره. وقوله {بِالْبَيِّناتِ} يريد بالبينات العظيمة التي عهدتموها وشهدتموها، ثم أخذهم بالاحتجاج على طريقة التقسيم فقال: لا يخلو من أن يكون كاذبا أو صادقا، {وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} أى يعود عليه كذبه ولا يتخطاه ضرره، {وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ} ما يعدكم إن تعرّضتم له. فإن قلت: لم قال: بعض {الَّذِي يَعِدُكُمْ} وهو نبىّ صادق، لا بد لما يعدهم أن يصيبهم