الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة المؤمن

صفحة 166 - الجزء 4

  مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ٣٥}

  هو يوسف بن يعقوب @. وقيل: هو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب: أقام فيهم نبيا عشرين سنة. وقيل: إن فرعون موسى هو فرعون يوسف، عمر إلى زمنه. وقيل: هو فرعون آخر. وبخهم بأن يوسف أتاكم بالمعجزات فشككتم فيها ولم تزالوا شاكين كافرين {حَتَّى إِذا} قبض {قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً} حكما من عند أنفسكم من غير برهان وتقدمة عزم منكم على تكذيب الرسل، فإذا جاءكم رسول جحدتم وكذبتم بناء على حكمكم الباطل الذي أسستموه، وليس قولهم {لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً} بتصديق لرسالة يوسف، وكيف وقد شكوا فيها وكفروا بها، وإنما هو تكذيب لرسالة من بعده مضموم إلى تكذيب رسالته. وقرئ: ألن يبعث الله، على إدخال همزة الاستفهام على حرف النفي، كأن بعضهم يقرّر بعضا بنفي البعث. ثم قال {كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ} أى مثل هذا الخذلان المبين يخذل الله كل مسرف في عصيانه مرتاب في دينه {الَّذِينَ يُجادِلُونَ} بدل من {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} فإن قلت: كيف جاز إبداله منه وهو جمع وذاك موحد؟ قلت: لأنه لا يريد مسرفا واحدا، فكأنه قال: كل مسرف. فإن قلت: فما فاعل {كَبُرَ}؟ قلت: ضمير من هو مسرف. فإن قلت: أما قلت هو جمع، ولهذا أبدلت منه الذين يجادلون؟ قلت: بلى هو جمع في المعنى. وأما اللفظ فموحد، فحمل البدل على معناه، والضمير الراجع إليه على لفظه، وليس ببدع أن يحمل على