الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة [فصلت، وتسمى] السجدة

صفحة 187 - الجزء 4

  وجوهدوا. وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة، وتخويف شديد من منعها، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين، وقرن بالكفر بالآخرة. وقيل: كانت قريش يطعمون الحاج، ويحرمون من آمن منهم برسول الله ÷. وقيل: لا يفعلون ما يكونون به أزكياء، وهو الإيمان.

  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ٨}

  الممنون: المقطوع. وقيل: لا يمنّ عليهم لأنه إنما يمنّ التفضل. فأما الأجر فحق أداؤه.

  وقيل: نزلت في المرضى والزمنى والهرمى: إذا عجزوا عن الطاعة كتب لهم الأجر، كأصح ما كانوا يعملون.

  {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ ٩ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ ١٠ ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ١١ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ١٢}

  {أَإِنَّكُمْ} بهمزتين: الثانية بين بين. وءائنكم، بألف بين همزتين {ذلِكَ} الذي قدر على خلق الأرض في مدة يومين. هو {رَبُّ الْعالَمِينَ ...... رَواسِيَ} جبالا ثوابت. فإن قلت: ما معنى قوله {مِنْ فَوْقِها} وهل اختصر على قوله {وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ} كقوله تعالى {وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ}، {وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ}، {وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ}؟ قلت: لو كانت تحتها كالأساطين لها تستقر عليها، أو مر كوزة فيها كالمسامير: لمنعت من الميدان أيضا، وإنما اختار إرساءها فوق الأرض،