الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة [فصلت، وتسمى] السجدة

صفحة 188 - الجزء 4

  لتكون المنافع في الجبال معرضة لطالبيها، حاضرة محصليها، وليبصر أن الأرض والجبال أثقال على أثقال، كلها مفتقرة إلى ممسك لا بد لها منه، وهو ممسكها عز وعلا بقدرته {وَبارَكَ فِيها} وأكثر خيرها وأنماه {وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها} أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم. وفي قراءة ابن مسعود: وقسم فيها أقواتها {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً} فذلكة لمدة خلق الله الأرض وما فيها، كأنه قال: كل ذلك في أربعة أيام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان. قيل: خلق الله الأرض في يوم الأحد ويوم الاثنين، وما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء. وقال الزجاج. في أربعة أيام في تتمة أربعة أيام، يريد بالتتمة اليومين. وقرئ: سواء، بالحركات الثلاث: الجر على الوصف والنصب على: استوت سواء، أى: استواء: والرفع على: هي سواء. فإن قلت: بم تعلق قوله {لِلسَّائِلِينَ}؟ قلت: بمحذوف، كأنه قيل: هذا الحصر لأجل من سأل: في كم خلقت الأرض وما فيها؟ أو يقدر: أى: قدر فيها الأقوات لأجل الطالبين لها المحتاجين إليها من المقتاتين. وهذا الوجه الأخير لا يستقيم إلا على تفسير الزجاج. فإن قلت: هلا قيل في يومين؟ وأى فائدة في هذه الفذلكة؟ قلت: إذا قال في أربعة أيام وقد ذكر أن الأرض خلقت في يومين، علم أن ما فيها خلق في يومين، فبقيت المخايرة بين أن تقول في يومين وأن تقول في أربعة أيام سواء، فكانت في أربعة أيام سواء فائدة ليست في يومين، وهي الدلالة على أنها كانت أياما كاملة بغير زيادة ولا نقصان. ولو قال: في يومين - وقد يطلق اليومان على أكثرهما - لكان يجوز أن يريد باليومين الأولين والآخرين أكثرهما {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ} من قولك: