الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 310 - الجزء 4

  {وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢٧}

  {ما حَوْلَكُمْ} يا أهل مكة {مِنَ الْقُرى} من نحو حجر ثمود وقرية سدوم وغيرهما. والمراد: أهل القرى. ولذلك قال {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}

  {فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ ٢٨}

  القربان: ما تقرب به إلى الله تعالى، أى: اتخذوهم شفعاء متقربا بهم إلى الله، حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله. وأحد مفعولي اتخذ الراجع إلى الذين المحذوف، والثاني: آلهة. وقربانا: حال ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا وآلهة بدلا منه لفساد المعنى. وقرئ قربانا بضم الراء. والمعنى: فهلا منعهم من الهلاك آلهتهم {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ} أى غابوا عن نصرتهم {وَذلِكَ} إشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم، أى: وذلك أثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة، وثمرة شركهم وافترائهم على الله الكذب من كونه ذا شركاء. وقرئ: إفكهم: والأفك والإفك: كالحذر والحذر. وقرئ: وذلك إفكهم، أى: وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره وثمرته صرفهم عن الحق. وقرئ: أفكهم على التشديد للمبالغة. وآفكهم: جعلهم آفكين. وآفكهم، أى: قولهم الآفك ذو الإفك، كما تقول قول كاذب، وذلك إفك مما كانوا يفترون، أى: بعض ما كانوا يفترون من الإفك.

  {وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ٢٩ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٠ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ