سورة محمد ÷
  أو يمنّ عليهم فيخلوا لقبولهم الجزية، وكونهم من أهل الذمّة. وبالفداء أن يفادى بأساراهم أسارى المشركين، فقد رواه الطحاوي مذهبا عن أبى حنيفة، والمشهور أنه لا يرى فداءهم لا بمال ولا بغيره، خيفة أن يعودوا حربا للمسلمين، وأما الشافعي فيقول: للإمام أن يختار أحد أربعة على حسب ما اقتضاه نظره للمسلمين، وهو: القتل، والاسترقاق، والفداء بأسارى المسلمين، والمن. ويحتج بأن رسول الله ÷ منّ على أبى عروة الحجبي، وعلى ثمامة بن أثال الحنفي، وفادى رجل برجلين من المشركين: وهذا كله منسوخ عند أصحاب الرأى. وقرئ: فدى، بالقصر مع فتح الفاء. أوزار الحرب: آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها كالسلاح والكراع. قال الأعشى:
  وأعددت للحرب أوزارها ... رماحا طوالا وخيلا ذكورا
  وسميت أوزارها لأنه لما لم يكن لها بد من جرّها فكأنها تحملها وتستقل بها، فإذا انقضت فكأنها وضعتها. وقيل. أوزارها آثامها، يعنى: حتى يترك أهل الحرب. هم المشركون شركهم ومعاصيهم بأن يسلموا. فإن قلت: {حَتَّى} بم تعلقت؟ قلت: لا تخلو إما أن تتعلق بالضرب والشد: أو بالمن والفداء، فالمعنى على كلا المتعلقين عند الشافعي رضى الله عنه: أنهم لا يزالون على ذلك أبدا إلى أن لا يكون حرب مع المشركين. وذلك إذا لم يبق لهم شوكة. وقيل: إذا نزل عيسى ابن مريم #. وعند أبى حنيفة |: إذا علق بالضرب والشد، فالمعنى: أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب الأوزار، وذلك حين لا تبقى شوكة للمشركين. وإذا علق بالمن والفداء، فالمعنى: أنه يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها