الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة محمد ÷

صفحة 318 - الجزء 4

  إلا أن يتأول المن والفداء بما ذكرنا من التأويل {ذلِكَ} أى الأمر ذلك، أو افعلوا ذلك {لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} لانتقم منهم ببعض أسباب الهلك: من خسف، أو رجفة، أو حاصب، أو غرق. أو موت جارف، {وَلكِنْ} أمركم بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين: أن يجاهدوا ويصبروا حتى يستوجبوا الثواب العظيم، والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض ما وجب لهم من العذاب. وقرئ: قتلوا، بالتخفيف والتشديد: وقتلوا. وقاتلوا. وقرئ: فلن يضل أعمالهم، وتضل أعمالهم: على البناء للمفعول. ويضل أعمالهم من ضل. وعن قتادة: أنها نزلت في يوم أحد {عَرَّفَها لَهُمْ} أعلمها لهم وبينها بما يعلم به كل أحد منزلته ودرجته من الجنة. قال مجاهد: يهتدى أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطئون، كأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها. وعن مقاتل: إن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشى بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله. أو طيبها لهم، من العرف: وهو طيب الرائحة. وفي كلام بعضهم: عزف كنوح القمارى، وعرف كفوح القمارى. أو حددها لهم، فجنة كل أحد محدودة مفرزة عن غيرها، من: عرف الدار وارفها. والعرف والارف، الحدود.

  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ٧}

  {إِنْ تَنْصُرُوا} دين {اللهَ} ورسوله {يَنْصُرْكُمْ} على عدوكم ويفتح لكم {وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ} في مواطن الحرب أو على محجة الإسلام.

  {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ٨ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ٩}

  {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} يحتمل الرفع على الابتداء والنصب بما يفسره {فَتَعْساً لَهُمْ} كأنه قال: أتعس الذين كفروا. فإن قلت: علام عطف قوله {وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ}؟ قلت: على الفعل الذي نصب تعسا، لأنّ المعنى فقال: تعسا لهم، أو فقضى تعسا لهم. وتعسا له: نقيض «لعاله» قال الأعشى:

  فالتّعس أولى لها من أن أقول لعا