الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الحجرات

صفحة 363 - الجزء 4

  للإنسان فيه عمل غلطا ومخالفة عن المعقول و {الْكُفْرَ} تغطية نعم الله تعالى وغمطها بالجحود. و {الْفُسُوقَ} الخروج عن قصد الإيمان ومحجته بركوب الكبائر {وَالْعِصْيانَ} ترك الانقياد والمضي لما أمر به الشارع. والعرق العاصي: العانذ. واعتصت النواة: اشتدّت. والرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه من الرشادة وهي الصخرة: قال أبو الوازع: كل صخرة رشادة. وأنشد:

  وغير مقلّد وموشّمات ... صلين الضّوء من صمّ الرّشاد

  و {فَضْلاً} مفعول له، أو مصدر من غير فعله. فإن قلت: من أين جاز وقوعه مفعولا له، والرشد فعل القوم، والفضل فعل الله تعالى، والشرط أن يتحد الفاعل. قلت: لما وقع الرشد عبارة عن التحبيب والتزيين والتكريه، مسندة إلى اسمه تقدست أسماؤه: صار الرشد كأنه فعله، فجاز أن ينتصب عنه أو لا ينتصب عن الراشدون، ولكن عن الفعل المسند إلى اسم الله تعالى، والجملة التي هي {أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} اعتراض. أو عن فعل مقدر، كأنه قيل: جرى ذلك، أو كان ذلك فضلا من الله. وأما كونه مصدرا من غير فعله، فأن يوضع موضع رشدا، لأنّ رشدهم فضل من الله لكونهم موفقين فيه، والفضل والنعمة بمعنى الإفضال والإنعام {وَاللهُ عَلِيمٌ}