الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الحجرات

صفحة 372 - الجزء 4

  به ممن شوهد منه الستر والصلاح، وأونست منه الأمانة في الظاهر، فظنّ الفساد والخيانة به محرّم، بخلاف من اشتهره الناس بتعاطى الريب والمجاهرة بالخبائث. عن النبي ÷: «إن الله تعالى حرّم من المسلم دمه وعرضه وأن يظنّ به ظنّ السوء» وعن الحسن: كنا في زمان الظن بالناس حرام، وأنت اليوم في زمان اعمل واسكت، وظنّ بالناس ما شئت. وعنه: لا حرمة لفاجر. وعنه: إن الفاسق إذا أظهر فسقه وهتك ستره هتكه الله، وإذا استتر لم يظهر الله عليه لعله أن يتوب. وقد روى: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. والإثم: الذنب الذي يستحق صاحبه العقاب. ومنه قيل لعقوبته: الأثام، فعال منه: كالنكال والعذاب والوبال. قال:

  لقد فعلت هذى النّوى بى فعلة ... أصاب النّوى قبل الممات أثامها

  والهمزة فيه عن الواو، كأنه يثم الأعمال: أى يكسرها بإحباطه. وقرئ: ولا تحسسوا بالحاء والمعنيان متقاربان. يقال: تجسس الأمر إذا تطلبه وبحث عنه: تفعل من الجس، كما أن التلمس بمعنى التطلب من اللمس، لما في اللمس من الطلب. وقد جاء بمعنى الطلب في قوله تعالى {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ} والتحسس: التعرّف من الحس، ولتقاربهما قيل لمشاعر الإنسان: الحواس بالحاء والجيم، والمراد النهى عن تتبع عورات المسلمين ومعايبهم والاستكشاف عما ستروه. وعن مجاهد. خذوا ما ظهر ودعوا ما ستره الله. وعن النبي ÷، أنه خطب فرفع صوته حتى أسمع العواتق في خدورهنّ. قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تتبعوا عورات المسلمين: فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه