الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الحجرات

صفحة 373 - الجزء 4

  ولو في جوف بيته. وعن زيد بن وهب: قلنا لا بن مسعود: هل لك في الوليد بن عقبة ابن أبى معيط تقطر لحيته خمرا؟ فقال ابن مسعود: إنا قد نهينا عن التجسس، فإن ظهر لنا شيء أخذنا به. غابه واغتابه: كغاله واغتاله. والغيبة من الاغتياب، كالغيلة من الاغتيال: وهي ذكر السوء في الغيبة. سئل رسول الله ÷ عن الغيبة فقال: «أن تذكر أخاك بما يكره، فإن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته» وعن ابن عباس ®: الغيبة إدام كلاب الناس {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ} تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه وأفحشه. وفيه مبالغات شتى: منها الاستفهام الذي معناه التقرير. ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولا بالمحبة. ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحدا من الأحدين لا يحب ذلك. ومنها أن لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان، حتى جعل الإنسان أخا. ومنها أن لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعل ميتا. وعن قتادة: كما تكره إن وجدت جيفة مدوّدة أن تأكل منها، كذلك فاكره لحم أخيك وهو حى. وانتصب {مَيْتاً} على الحال من اللحم. ويجوز أن ينتصب عن الأخ. وقرئ: ميتا. ولما قرّرهم ø بأنّ أحدا منهم لا يحب أكل جيفة أخيه، عقب ذلك بقوله تعالى {فَكَرِهْتُمُوهُ} معناه: فقد كرهتموه واستقرّ ذلك. وفيه معنى الشرط، أى: إن صحّ هذا فكرهتموه، وهي الفاء الفصيحة،