الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النجم

صفحة 427 - الجزء 4

  فَما أَبْقى ٥١ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى ٥٢ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ٥٣ فَغَشَّاها ما غَشَّى ٥٤}

  {أَكْدى} قطع عطيته وأمسك، وأصله: إكداء الحافر، وهو أن تلقاه كدية: وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر، ونحوه: أجبل الحافر، ثم استعير فقيل: أجبل الشاعر إذا أفحم. روى أن عثمان ¥ كان يعطى ما له في الخير، فقال له عبد الله بن سعد بن أبى سرح وهو أخوه من الرضاعة: يوشك أن لا يبقى لك شيء، فقال عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا، وإنى أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه، فقال عبد الله: أعطنى ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء. فنزلت. ومعنى {تَوَلَّى} ترك المركز يوم أحد، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل {فَهُوَ يَرى} فهو يعلم أن ما قال له أخوه من احتمال أوزاره حق {وَفَّى} قرئ مخففا ومشدّدا، والتشديد مبالغة في الوفاء. أو بمعنى: وفر وأتم، كقوله تعالى {فَأَتَمَّهُنَ} وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية، من ذلك: تبليغه الرسالة، واستقلاله بأعباء النبوّة، والصبر على ذبح ولده وعلى نار نمروذ، وقيامه بأضيافه وخدمته إياهم بنفسه، وأنه كان يخرج كل يوم فيمشى فرسخا يرتاد ضيفا، فإن وافقه أكرمه، وإلا نوى الصوم. وعن الحسن: ما أمره الله بشيء إلا وفي به. وعن الهزيل بن شرحبيل: كان بين نوح وبين إبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة غيره، ويقتل بأبيه وابنه وعمه وخاله، والزوج بامرأته، والعبد بسيده، فأوّل من خالفهم إبراهيم. وعن عطاء بن السائب: عهد أن لا يسأل مخلوقا، فلما قذف في النار قال له جبريل وميكائيل: ألك حاجة؟ فقال. أمّا إليكما فلا. وعن النبي ÷: وفي عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار، وهي: صلاة الضحى. وروى: ألا أخبركم لم سمى الله خليله {الَّذِي وَفَّى}؟ كان يقول إذا أصبح وأمسى: {فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ ...} إلى ... {حِينَ تُظْهِرُونَ} وقيل: وفي سهام الإسلام: وهي ثلاثون: عشرة في التوبة {التَّائِبُونَ ...} وعشرة في الأحزاب: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ ...} وعشرة في المؤمنين {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ...} وقرئ: في صحف، بالتخفيف {أَلَّا تَزِرُ} أن مخففة من الثقيلة. والمعنى: أنه