الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النجم

صفحة 428 - الجزء 4

  لا تزر، والضمير ضمير الشأن، ومحل أن وما بعدها: الجر بدلا من ما في صحف موسى. أو الرفع على: هو أن لا تزر، كأن قائلا قال: وما في صحف موسى وإبراهيم، فقيل: أن لا تزر {إِلَّا ما سَعى} إلا سعيه. فإن قلت: أما صح في الأخبار: الصدقة عن الميت، والحج عنه، وبه الإضعاف؟ قلت: فيه جوابان، أحدهما: أن سعى غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعى نفسه. وهو أن يكون مؤمنا صالحا وكذلك الإضعاف - كأن سعى غيره كأنه سعى نفسه، لكونه تابعا له وقائما بقيامه. والثاني، أن سعى غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه، ولكن إذا نواه به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه {ثُمَّ يُجْزاهُ} ثم يجزى العبد سعيه، يقال: جزاه الله عمله وجزاه على عمله، بحذف الجار وإيصال الفعل. ويجوز أن يكون الضمير للجزاء، ثم فسره بقوله {الْجَزاءَ الْأَوْفى} أو أبدله عنه، كقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}، {وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى} قرئ بالفتح على معنى: أن هذا كله في الصحف، وبالكسر على الابتداء، وكذلك ما بعده. والمنتهى: مصدر بمعنى الانتهاء، أى: ينتهى إليه الخلق ويرجعون إليه، كقوله تعالى {إِلَى اللهِ الْمَصِيرُ}. {أَضْحَكَ وَأَبْكى} خلق قوتي الضحك والبكاء {إِذا تُمْنى} إذا تدفق في الرحم، يقال: منى وأمنى. وعن الأخفش: تخلق من منى المانى، أى قدر المقدّر: قرئ: النشأة والنشاءة بالمد. وقال {عَلَيْهِ} لأنها واجبة عليه في الحكمة، ليجازى على الإحسان والإساءة {وَأَقْنى} وأعطى القنية وهي المال الذي تأثلته وعزمت أن لا تخرجه من يدك {الشِّعْرى} مرزم الجوزاء: وهي التي تطلع وراءها، وتسمى كلب الجبار، وهما شعريان الغميصاء والعبور وأراد العبور. وكانت خزاعة تعبدها، سنّ لهم ذلك أبو كبشة رجل من أشرافهم،