سورة النجم
  وكانت قريش تقول لرسول الله ÷: أبو كبشة، تشبيها له به لمخالفته إياهم في دينهم، يريد: أنه رب معبودهم هذا. عاد الأولى: قوم هود، وعاد الأخرى: إرم. وقيل: الأولى القدماء، لأنهم أوّل الأمم هلاكا بعد قوم نوح، أو المتقدمون في الدنيا الأشراف. وقرئ: عادا لولى. وعاد لولى، بإدغام التنوين في اللام وطرح همزة أولى ونقل ضمتها إلى لام التعريف {وَثَمُودَ} وقرئ: وثمود {أَظْلَمَ وَأَطْغى} لأنهم كانوا يؤذونه ويضربونه حتى لا يكون به حراك، وينفرون عنه حتى كانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه، وما أثر فيهم دعاؤه قريبا من ألف سنة {وَالْمُؤْتَفِكَةَ} والقرى التي ائتفكت بأهلها، أى: انقلبت، وهم قوم لوط، يقال: أفكه فأتفك: وقرئ: والمؤتفكات {أَهْوى} رفعها إلى السماء على جناح جبريل، ثم أهواها إلى الأرض أى: أسقطها {ما غَشَّى} تهويل وتعظيم لما صب عليها من العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود.
  {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى ٥٥ هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ٥٦ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ٥٧ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ ٥٨}
  {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى} تتشكك، والخطاب لرسول الله ÷، أو للإنسان على الإطلاق، وقد عدد نعما ونقما وسماها كلها آلاء من قبل ما في نقمه من المزاجر والمواعظ للمعتبرين {هذا} القرآن {نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى} أى إنذار من جنس الإنذارات الأولى التي أنذر بها من قبلكم. أو هذا الرسول منذر من المنذرين الأولين، وقال: الأولى على تأويل الجماعة {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} قربت الموصوفة بالقرب في قوله تعالى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، {لَيْسَ لَها} نفس {كاشِفَةٌ} أى مبينة متى تقوم، كقوله تعالى {لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ} أو ليس لها نفس كاشفة، أى: قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله، غير أنه لا يكشفها. أو ليس لها الآن نفس كاشفة بالتأخير، وقيل الكاشفة مصدر بمعنى الكشف: كالعافية. وقرأ طلحة: ليس لها مما يدعون من دون الله كاشفة، وهي على الظالمين ساءت الغاشية.
  {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ٥٩ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ ٦٠ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ ٦١ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ٦٢}