الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة القمر

صفحة 431 - الجزء 4

  وكذا عن ابن عباس وابن مسعود ®، قال ابن عباس: انفلق فلقتين فلقة ذهبت وفلقة بقيت. وقال ابن مسعود: رأيت حراء بين فلقتى القمر. وعن بعض الناس: أن معناه ينشق يوم القيامة، وقوله {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} يردّه، وكفى به رادّا، وفي قراءة حذيفة: وقد انشق القمر، أى: اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق، كما تقول: أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه. وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم. مستمر: دائم مطرد، وكل شيء قد انقادت طريقته ودامت حاله، قيل فيه: قد استمرّ. لما رأوا تتابع المعجزات وترادف الآيات: قالوا: هذا سحر مستمرّ. وقيل: مستمرّ قوى محكم، من قولهم: استمر مريره. وقيل: هو من استمر الشيء إذا اشتدّت مرارته، أى: مستبشع عندنا، مرّ على لهواتنا، لا نقدر أن نسيغه كما لا يساغ المر الممقر. وقيل: مستمر مارّ، ذاهب يزول ولا يبقى، تمنية لأنفسهم وتعليلا. وقرئ: وإن يروا {وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ} وما زين لهم الشيطان من دفع الحق بعد ظهوره {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} أى كل أمر لا بد أن يصير إلى غاية يستقرّ عليها، وإن أمر محمد سيصير إلى غاية يتبين عندها أنه حق، أو باطل وسيظهر لهم عاقبته. أو وكل أمر من أمرهم وأمره مستقر، أى: سيثبت ويستقر على حالة خذلان أو نصرة في الدنيا، وشقاوة أو سعادة في الآخرة. وقرئ بفتح القاف، يعنى: كل أمر ذو مستقرّ، أى: ذو استقرار. أو ذو موضع استقرار أو زمان استقرار. وعن أبى جعفر: مستقر، بكسر القاف والجرّ عطفا على الساعة، أى: اقتربت الساعة واقترب كل أمر مستقر يستقر ويتبين حاله.

  {وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ ٤ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ