سورة القمر
  القول، فدعا فقال: إنى مغلوب غلبني قومي، فلم يسمعوا منى واستحكم اليأس من إجابتهم لي {فَانْتَصِرْ} فانتقم منهم بعذاب تبعثه عليهم، وإنما دعا بذلك بعد ما طم عليه الأمر وبلغ السيل الربا، فقد روى: أنّ الواحد من أمّته كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه. فيفيق وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وقرئ: ففتحنا مخففا ومشدّدا، وكذلك وفجرنا {مُنْهَمِرٍ} منصب في كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوما {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر، وهو أبلغ من قولك: وفجرنا عيون الأرض ونظيره في النظم {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}. {فَالْتَقَى الْماءُ} يعنى مياه السماء والأرض. وقرئ: الماءان، أى: النوعان من الماء السماوي والأرضى. ونحوه قولك: عندي تمران، تريد: ضربان من التمر: برني ومعقلي. قال:
  لنا إبلان فيهما ما علمتم
  وقرأ الحسن: الماوان، بقلب الهمزة واوا، كقولهم: علباوان {عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} على حال قدرها الله كيف شاء. وقيل: على حال جاءت مقدّرة مستوية: وهي أن قدر ما أنزل من السماء كقدر ما أخرج من الأرض سواء بسواء. وقيل: على أمر قد قدر في اللوح أنه يكون، وهو هلاك قوم نوح بالطوفان {عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ} أراد السفينة، وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابها وتودى مؤداها. بحيث لا يفصل بينها وبينها. ونحوه:
  ..... ولكن ... قميصي مسرودة من حديد