الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الرحمن

صفحة 445 - الجزء 4

  وقيل: معناه وفيها الريحان الذي يشم، وفي مصاحف أهل الشأم: والحب ذو العصف والريحان، أى: وخلق الحب والريحان: أو وأخص الحب والريحان. ويجوز أن يراد: وذا الريحان، فيحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه، والخطاب في {رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} للثقلين بدلالة الأنام عليهما. وقوله {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ}.

  {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ ١٤ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ١٥ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١٦}

  الصلصال: الطين اليابس له صلصلة. والفخار: الطين المطبوخ بالنار وهو الخزف. فإن قلت: قد اختلف التنزيل في هذا، وذلك قوله ø {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، {مِنْ طِينٍ لازِبٍ}، «من تراب». قلت: هو متفق في المعنى، ومفيد أنه خلقه من تراب: جعله طينا، ثم حمأ مسنونا، ثم صلصالا. و {الْجَانَ} أبو الجن. وقيل: هو إبليس. والمارج: اللهب الصافي الذي لا دخان فيه. وقيل: المختلط بسواد النار، من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط. فإن قلت: فما معنى قوله {مِنْ نارٍ}؟ قلت: هو بيان لمارج، كأنه قيل: من صاف من نار. أو مختلط من نار أو أراد من نار مخصوصة، كقوله تعالى {فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى}.

  {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ١٧ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ١٨}

  قرئ: رب المشرقين ورب المغربين، بالجر بدلا من {رَبِّكُما} وأراد: مشرقى الصيف والشتاء ومغربيهما.

  {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ١٩ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ٢٠ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٢١ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ٢٢ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٢٣}

  {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} أرسل البحر الملح والبحر العذب متجاورين متلاقيين، لا فصل بين الماءين في مرأى العين {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ} حاجز من قدرة الله تعالى {لا يَبْغِيانِ} لا يتجاوزان حدّيهما ولا يبغى أحدهما على الآخر بالممازجة. قرئ يخرج ويخرج من أخرج. وخرج. ويخرج: أى الله ø اللؤلؤ والمرجان بالنصب. ونخرج، بالنون. واللؤلؤ: الدرّ. والمرجان: هذا الخرز الأحمر وهو البسذ. وقيل: اللؤلؤ كبار الدرّ. والمرجان: صغاره. فإن قلت: لم قال