الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الرحمن

صفحة 446 - الجزء 4

  {مِنْهُمَا} وإنما يخرجان من الملح؟ قلت: لما التقيا وصارا كالشاء الواحد: جاز أن يقال: يخرجان منهما، كما يقال يخرجان من البحر، ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه. وتقول: خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله، بل من دار واحدة من دوره. وقيل: لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب.

  {وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ٢٤ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٢٥}

  {الْجَوارِ} السفن. وقرئ: الجوار بحذف الياء ورفع الراء، ونحوه:

  لها ثنايا أربع حسان ... وأربع فكلها ثمان

  و {الْمُنْشَآتُ} المرفوعات الشرع. وقرئ بكسر الشين: وهي الرافعات الشرع أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهنّ. والأعلام: جمع علم، وهو الجبل الطويل.

  {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ٢٦ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ٢٧ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ٢٨}

  {عَلَيْها} على الأرض {وَجْهُ رَبِّكَ} ذاته، والوجه يعبر به عن الجملة والذات، ومساكين مكة يقولون: أين وجه عربى كريم ينقذني من الهوان. و {ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} صفة الوجه. وقرأ عبد الله: ذى، على: صفة ربك. ومعناه: الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم.