سورة المزمل
  تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين، خاصة على رسول الله ÷ لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته، فهي أثقل عليه وأبهظ له، وأراد بهذا الاعتراض: أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن، لأنّ الليل وقت السبات والراحة والهدوء فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه. وعن ابن عباس رضى الله عنه: كان إذا نزل عليه الوحى ثقل عليه وتربد له جلده. وعن عائشة ^: رأيته ينزل عليه الوحى في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإنّ جبينه ليرفض عرقا. وعن الحسن: ثقيل في الميزان. وقيل: ثقيل على المنافقين. وقيل: كلام له وزن ورجحان ليس بالسفساف.
  {إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ٦}
  {ناشِئَةَ اللَّيْلِ} النفس الناشئة بالليل، التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أى: تنهض وترتفع، من نشأت السحابة: إذا ارتفعت. ونشأ من مكانه ونشز: إذا نهض، قال:
  نشأنا إلى خوص برى نيّها السّرى ... وألصق منها مشرفات القماحد
  وقيام الليل، على أنّ الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض على فاعلة: كالعاقبة. ويدل عليه ما روى عن عبيد بن عمير: قلت لعائشة: رجل قام من أوّل الليل، أتقولين له قام ناشئة؟ قالت لا، إنما الناشئة القيام بعد النوم. ففسرت الناشئة بالقيام عن المضجع أو العبادة التي تنشأ بالليل، أى: تحدث، وترتفع. وقيل: هي ساعات الليل كلها، لأنها تحدث واحدة بعد أخرى. وقيل: الساعات الأول منه. وعن على بن الحسين ® أنه كان يصلى بين المغرب والعشاء ويقول: أما سمعتم قول الله تعالى {إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ} هذه ناشئة الليل {هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً} هي خاصة دون ناشئة النهار، أشدّ مواطأة يواطئ قلبها لسانها: إن أردت النفس. أو يواطئ فيها قلب