الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة المزمل

صفحة 639 - الجزء 4

  القائم لسانه: إن أردت القيام أو العبادة أو الساعات. أو أشدّ موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص. وعن الحسن: أشدّ موافقة بين السر والعلانية، لانقطاع رؤية الخلائق. وقرئ: أشدّ وطأ بالفتح والكسر. والمعنى: أشد ثبات قدم وأبعد من الزلل. أو أثقل وأغلظ على المصلى من صلاة النهار، من قوله # «اللهم اشدد وطأتك على مضر» {وَأَقْوَمُ قِيلاً} وأسد مقالا وأثبت قراءة لهدوّ الأصوات. وعن أنس ¥ أنه قرأ: وأصوب قيلا، فقيل له: يا أبا حمزة، إنما هي: وأقوم، فقال: إنّ أقوم وأصوب وأهيأ واحد. وروى أبو زيد الأنصارى عن أبى سرار الغنوي أنه كان يقرأ: فحاسوا، محاء غير معجمة، فقيل له: إنما هو {فَجاسُوا} بالجيم، فقال: وجاسوا وحاسوا واحد.

  {إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً ٧}

  {سَبْحاً} تصرفا وتقلبا في مهماتك وشواغلك، ولا تفرغ إلا بالليل، فعليك بمناجاة الله التي تقتضي فراغ البال وانتفاء الشواغل. وأما القراءة بالخاء. فاستعارة من سبخ الصوف: وهو نفشه ونشر أجزائه، لانتشار الهم وتفرّق القلب بالشواغل: كلفه قيام الليل، ثم ذكر الحكمة فيما كلفه منه: وهو أن الليل أعون على المواطأة وأشد للقراءة، لهدوّ الرجل وخفوت الصوت: وأنه أجمع للقلب وأضم لنشر الهم من النهار، لأنه وقت تفرق الهموم وتوزع الخواطر والتقلب في حوائج المعاش والمعاد. وقيل: فراغا وسعة لنومك وتصرفك في حوائجك. وقيل: إن فاتك من الليل شيء فلك في النهار فراغ تقدر على تداركه فيه.

  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ٨ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ٩ وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ١٠}

  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} ودم على ذكره في ليلك ونهارك، واحرص عليه. وذكر الله يتناول كل ما كان من ذكر طيب: تسبيح، وتهليل، وتكبير، وتمجيد، وتوحيد، وصلاة، وتلاوة قرآن، ودراسة علم، وغير ذلك مما كان رسول الله ÷ يستغرق به ساعة ليله ونهاره {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ} وانقطع إليه. فإن قلت: كيف قيل {تَبْتِيلاً} مكان تبتلا؟ قلت: لأن معنى تبتل بتل نفسه، فجيء به على معناه مراعاة لحق الفواصل {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} قرئ مرفوعا على المدح، ومجرورا على البدل من ربك. وعن ابن عباس: على القسم بإضمار حرف