سورة المدثر
  {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ} وما عليه. كل جدد من العدد الخاص من كون بعضها على عقد كامل وبعضها على عدد ناقص، وما في اختصاص كل جند بعدده من الحكمة {إِلَّا هُوَ} ولا سبيل لأحد إلى معرفة ذلك كما لا يعرف الحكمة في أعداد السماوات والأرضين وأيام السنة والشهور والبروج والكواكب وأعداد النصب والحدود والكفارات والصلوات في الشريعة. أو: وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو، فلا يعز عليه تتميم الخزنة عشرين، ولكن له في هذا العدد الخاص حكمة لا تعلمونها وهو يعلمها. وقيل: هو جواب لقول أبى جهل: أما لرب محمد أعوان إلا تسعة عشر، وما جعلنا أصحاب النار - إلى قوله - إلا هو: اعتراض. وقوله {وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى} متصل بوصف سقر وهي ضميرها، أى: وما سقر وصفتها إلا تذكرة {لِلْبَشَرِ} أو ضمير الآيات التي ذكرت فيها.
  {كَلاَّ وَالْقَمَرِ ٣٢ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ٣٣ وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ٣٤ إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ٣٥ نَذِيراً لِلْبَشَرِ ٣٦ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ٣٧}
  {كَلَّا} إنكار بعد أن جعلها ذكرى أن تكون لهم ذكرى، لأنهم لا يتذكرون. أو ردع لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيرا. و «دبر» بمعنى أدبر، كقبل بمعنى أقبل. ومنه صاروا كأمس الدابر. وقيل: هو من دبر الليل النهار إذا خلفه. وقرئ: إذ أدبر {إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ} جواب القسم. أو تعليل لكلا، والقسم معترض للتوكيد. والكبر: جمع الكبرى، جعلت ألف التأنيث كتائها، فلما جمعت فعلة على فعل: جمعت فعلى عليها، ونظير ذلك: السوافي في جمع السافياء، والقواصع في جمع القاصعاء، كأنها جمع فاعلة، أى: لإحدى البلايا أو الدواهي الكبر، ومعنى كونها إحداهنّ: أنها من بينهن واحدة في العظم لا نظيرة لها، كما تقول: هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء. و {نَذِيراً} تمييز من إحدى، على معنى: إنها لإحدى الدواهي إنذارا، كما تقول: هي إحدى النساء عفافا. وقيل: هي حال. وقيل: هو متصل بأوّل السورة، يعنى: قم نذيرا، وهو من بدع التفاسير. وفي قراءة أبى: نذير بالرفع