الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 672 - الجزء 4

  قال الأعشى:

  كأنّ القر نفل والزّنجبيل ... باتا بفيها وأريا مشورا

  وقال المسيب بن علس

  وكأنّ طعم الزّنجبيل به ... إذ ذقته وسلافة الخمر

  و {سَلْسَبِيلاً} لسلاسة انحدارها في الحلق وسهولة مساغها، يعنى: أنها في طعم الزنجبيل وليس فيها لذعه، ولكن نقيض اللذع وهو السلاسة. يقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل، وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية. ودلت على غاية السلاسة. قال الزجاج: السلسبيل في اللغة: صفة لما كان في غاية السلاسة. وقرئ: سلسبيل، على منع الصرف، لاجتماع العلمية والتأنيث، وقد عزوا إلى على بن أبى طالب ¥ أن معناه سل سبيلا إليها، وهذا غير مستقيم على ظاهره. إلا أن يراد أن جملة قول القائل: سل سبيلا، جعلت علما للعين، كما قيل: تأبط شرا، وذرّى حبا، وسميت بذلك لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلا بالعمل الصالح، وهو مع استقامته في العربية تكلف وابتداع، وعزوه إلى مثل على ¥ أبدع. وفي شعر بعض المحدثين:

  سل سبيلا فيها إلى راحة النّفس ... براح كأنّها سلسبيل

  و {عَيْناً} بدل من {زَنْجَبِيلاً} وقيل: تمزج كأسهم بالزنجبيل بعينه. أو يخلق الله طعمه فيها. و {عَيْناً} على هذا القول: مبدلة من {كَأْساً} كأنه قيل: ويسقون فيها كأسا كأس عين. أو منصوبة على الاختصاص. شبهوا في حسنهم وصفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم ومنازلهم باللؤلؤ المنثور