سورة الأعراف
  {طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ} لمة منه مصدر، من قولهم: طاف به الخيال يطيف طيفاً. قال:
  أنَّى ألَمَّ بِكَ الْخَيَالُ بَطِيفُ
  أو هو تخفيف طيف فيعل، من طاف يطيف كلين. أو من طاف يطوف كهين. وقرئ: طائف، وهو يحتمل الأمرين أيضاً. وهذا تأكيد وتقرير لما تقدم من وجوب الاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان، وأنّ المتقين هذه عادتهم: إذا أصابهم أدنى نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته {تَذَكَّرُوا} ما أمر الله به ونهى عنه، فأبصروا السداد ودفعوا ما وسوس به إليهم ولم يتبعوه أنفسهم. وأما إخوان الشياطين الذين ليسوا بمتقين، فإن الشياطين يمدونهم في الغى، أى يكونون مدداً لهم فيه ويعضدونهم. وقرئ: يمُدّونهم من الامداد. ويمادّونهم، بمعنى يعاونونهم {ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} ثم لا يمسكون عن إغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا. وقوله {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ} كقوله:
  قَوْمٌ إذَا الْخَيْلُ جَالُوا فِى كَوَاثِبِهَا
  في أنّ الخبر جار على ما هو له. ويجوز أن يراد بالإخوان الشياطين، ويرجع الضمير المتعلق به إلى الجاهلين، فيكون الخبر جاريا على ما هو له، والأوّل أوجه، لأن إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا. فإن قلت: لم جمع الضمير في إخوانهم والشيطان مفرد؟ قلت: المراد به الجنس، كقوله {أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ}.