سورة الأنفال
  عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ٢٢ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٢٣}
  {وَلا تَوَلَّوْا} قرئ بطرح إحدى التاءين وإدغامها، والضمير في {عَنْهُ} لرسول الله ÷، لأنّ المعنى: وأطيعوا رسول الله كقوله: الله ورسوله أحق أن يرضوه، ولأنّ طاعة الرسول وطاعة الله شيء واحد {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ} فكأن رجوع الضمير إلى أحدهما كرجوعه إليهما، كقولك: الإحسان والإجمال لا ينفع في فلان. ويجوز أن يرجع إلى الأمر بالطاعة، أى: ولا تولوا عن هذا الأمر وامتثاله وأنتم تسمعونه. أو ولا تتولوا عن رسول الله ÷ ولا تخالفوه {وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} أى تصدقون لأنكم مؤمنون لستم كالصمّ المكذبين من الكفرة {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا} أى ادّعوا السماع {وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} لأنهم ليسوا بمصدّقين فكأنهم غير سامعين. والمعنى: أنكم تصدّقون بالقرآن والنبوّة، فإذا توليتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور من قسمة الغنائم وغيرها، كان تصديقكم كلا تصديق، وأشبه سماعكم سماع من لا يؤمن. ثم قال {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ} أى إنّ شر من يدب على وجه الأرض. أو إنّ شرّ البهائم الذين هم صمّ عن الحق لا يعقلونه، جعلهم من جنس البهائم، ثم جعلهم شرّها {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ} في هؤلاء الصم البكم {خَيْراً} أى انتفاعا باللطف {لَأَسْمَعَهُمْ} للطف بهم حتى يسمعوا سماع المصدقين، ثم قال {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا} عنه. يعنى: ولو لطف بهم لما نفع فيهم اللطف، فلذلك منعهم ألطافه. أو ولو لطف بهم فصدقوا لارتدوا بعد ذلك وكذبوا ولم يستقيموا، وقيل: هم بنو عبد الدار بن قصى لم يسلم منهم إلا