سورة الأنفال
  {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٦١} جنح له وإليه: إذا مال. والسلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب قال:
  السِّلْمُ تَأْخُذُ مِنْهَا مَا رَضِيتَ بِهِ ... وَالْحَرْبُ يَكْفِيكَ مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعُ
  وقرئ بفتح السين وكسرها. وعن ابن عباس ¥ أن الآية منسوخة بقوله تعالى {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} وعن مجاهد بقوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} والصحيح أن الأمر موقوف على ما يرى فيه الامام صلاح الإسلام وأهله من حرب أو سلم، وليس بحتم أن يقاتلوا أبدا، أو يجابوا إلى الهدنة أبداً. وقرأ الأشهب العقيلي. فاجنح بضم النون {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} ولا تخف من إبطانهم المكر في جنوحهم إلى السلم، فإنّ الله كافيك وعاصمك من مكرهم وخديعتهم. قال مجاهد، يريد قريظة.
  {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ٦٢ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٦٣}
  {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ} فإن محسبك الله: قال جرير:
  إنِّى وَجَدْتُ مِنَ الْمَكارِمِ حَسْبَكُمْ ... أَنْ تَلْبَسُوا خَزَّ الثِّيَابِ وَتَشْبَعُوا
  {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} التأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول الله ÷ من الآيات الباهرة، لأنّ العرب - لما فيهم من الحمية والعصبية، والانطواء على الضغينة في أدنى شيء وإلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا - لا يكاد يأتلف منهم قلبان، ثم ائتلفت قلوبهم على اتباع