سورة الأنفال
  ÷ فإذا هو وأبو بكر يبكيان فقال: يا رسول الله أخبرنى، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت، فقال: أبكى على أصحابك في أخذهم الفداء، ولقد عرض علىّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة منه - وروى أنه قال: لو نزل عذاب من السماء لما نجا منه غير عمرو سعد بن معاذ، ®، لقوله كان الإثخان في القتل أحب إلىّ {عَرَضَ الدُّنْيا} حطامها، سمى بذلك لأنه حدث قليل اللبث، يريد الفداء {وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} يعنى ما هو سبب الجنة من إعزاز الإسلام بالإثخان في القتل. وقرئ: يريدون، بالياء. وقرأ بعضهم والله يريد الآخرة، بجرّ الآخرة على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على حاله، كقوله:
  أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً ... وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِالَّليْلِ نَارَا
  ومعناه والله يريد عرض الآخرة. على التقابل، يعنى ثوابها {وَاللهُ عَزِيزٌ} يغلب أولياءه على أعدائه ويتكنون منهم قتلا وأسراً ويطلق لهم الفداء، ولكنه {حَكِيمٌ} يؤخر ذلك إلى أن يكثروا ويعزوا وهم يعجلون {لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ} لو لا حكم منه سبق إثباته في اللوح وهو أنه لا يعاقب أحد بخطإ، وكان هذا خطأ في الاجتهاد، لأنهم نظروا في أن استبقاءهم ربما كان سبباً في إسلامهم وتوبتهم، وأنّ فداءهم يتقوّى به على الجهاد في سبيل الله، وخفى عليهم أن قتلهم أعز للإسلام وأهيب لمن وراءهم وأفل لشوكتهم. وقيل كتابه أنه سيحل لهم الفدية التي أخذوها. وقيل: إن أهل بدر مغفور لهم. وقيل: إنه لا يعذب قوماً إلا بعد تأكيد الحجة وتقديم النهى، ولم يتقدم نهى عن ذلك {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ} روى أنهم أمسكوا عن الغنائم ولم