سورة الأنفال
  يمدّوا أيديهم إليها، فنزلت. وقيل: هو إباحة للفداء، لأنه من جملة الغنائم {وَاتَّقُوا اللهَ} فلا تقدموا على شيء لم يعهد إليكم فيه.
  {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٦٩}
  فإن قلت: ما معنى الفاء؟ قلت: التسبيب والسبب محذوف، معناه: قد أبحت لكم الغنائم فكلوا مما غنمتم. وحلالا: نصب على الحال من المغنوم، أو صفة للمصدر، أى أكلا حلالا. وقوله {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} معناه أنكم إذا اتقيتموه بعد ما فرط منكم من استباحة الفداء قبل أن يؤذن لكم فيه، غفر لكم ورحمكم وتاب عليكم.
  {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٠}
  {فِي أَيْدِيكُمْ} في ملكتكم، كأن أيديكم قابضة عليهم. وقرئ: من الأسرى {فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} خلوص إيمان وصحة نية {يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} من الفداء، إما أن يخلفكم في الدنيا أضعافه، أو يثيبكم في الآخرة. وفي قراءة الأعمش: يثبكم خيراً. وعن العباس ¥ أنه قال: كنت مسلماً، لكنهم استكرهوني. فقال رسول الله ÷ «إن يكن ما تذكره حقا فالله يجزيك» فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا وكان أحد الذين ضمنوا إطعام أهل بدر وخرج بالذهب لذلك. وروى أن رسول الله ÷ قال للعباس: «افد ابني أخيك عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحارث، فقال: يا محمد، تركتني أتكفف قريشاً ما بقيت. فقال له: فأين الذهب الذي دفعته إلى أمّ الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها: لا أدرى ما يصيبني في وجهى هذا، فإن حدث بى حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل، فقال العباس وما يدريك؟ قال «أخبرنى به ربى» قال العباس: فأنا أشهد أنك صادق، وأن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، والله لم يطلع عليه أحد إلا الله، ولقد دفعته إليها في سواد الليل، ولقد كنت مرتاباً في أمرك، فأمّا إذ أخبرتنى بذلك فلا ريب. قال العباس رضى الله عنه: فأبدلنى الله خيراً من ذلك، لي الآن عشرون عبداً، إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفاً، وأعطانى زمزم ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربى. وروى أنه قدم على رسول الله