الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأنفال

صفحة 239 - الجزء 2

  ÷ مال البحرين ثمانون ألفاً، فتوضأ لصلاة الظهر وما صلى حتى فرقه، وأمر العباس أن يأخذ منه ما قدر على حمله، وكان يقول: هذا خير مما أخذ منى وأرجو المغفرة وقرأ الحسن وشيبة: مما أخذ منكم، على البناء للفاعل.

  {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٧١}

  {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ} نكث ما بايعوك عليه من الإسلام والردّة واستحباب دين آبائهم {فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ} في كفرهم به ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} كما رأيتم يوم بدر فسيمكن منهم إن أعادوا الخيانة. وقيل: المراد بالخيانة منع ما ضمنوا من الفداء.

  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٧٢}

  الذين هاجروا: أى فارقوا أوطانهم وقومهم حبا لله ورسوله: هم المهاجرون. والذين آووهم إلى ديارهم ونصروهم على أعدائهم: هم الأنصار {بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} أى يتولى بعضهم بعضاً في الميراث، وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون ذوى القرابات، حتى نسخ ذلك بقوله تعالى {وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ} وقرئ: من ولايتهم، بالفتح والكسر، أى من توليهم في الميراث. ووجه الكسر أن تولى بعضهم بعضا شبه بالعمل والصناعة، كأنه بتوليه صاحبه يزاول أمراً ويباشر عملا {فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين {إِلَّا عَلى قَوْمٍ} منهم {بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ} عهد فإنه لا يجوز لكم نصرهم عليهم لأنهم لا يبتدؤون بالقتال، إذ الميثاق مانع من ذلك.

  {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ٧٣}