مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في الرؤية]

صفحة 117 - الجزء 1

مسألة [في الرؤية]

  قال أرشده الله: قالت الزيدية إن الله تعالى لا يرى بالأبصار ولا يراه يوم القيامة عباده الأبرار. قال: وذلك باطل بدلالة قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ٢٢ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ}⁣[القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ}⁣(⁣١) [يونس: ٢٦] قال: والزيادة نظر الرب تعالى بالعيون الباقية على ما جاء ذلك عن الصحابة، حتى لو ادعينا إجماعهم على ذلك لساغ لنا. قال: لأن الصحابة اختلفوا في رؤية الباري تعالى في الدنيا، ولم يختلفوا في الآخرة فإن المروي عن ابن عباس # في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}⁣[النجم: ١٣] أنه رآه بعيني رأسه، وروي بعيني قلبه. قال: وإنما تعلقت الزيدية برواية شاذة عن أم المؤمنين عائشة ^ أنها قالت وقد سئلت عن ذلك: (قف شعري مما قلتم من زعم أن محمدا رأى ربه فهذا أعظم الفرية على الله)⁣(⁣٢) وهذا إن صح متأول وإجماع الأمة منعقد على أن الأنبياء


(١) في الأصل: لهم الحسنى وزيادة. وهو خطأ.

(٢) روى مسلم عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية. قلت: وما هن؟ قالت: من زعم أن محمدا ÷ رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال: وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني ألم يقل الله ø {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله ÷ فقال: إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض. فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} أو لم تسمع أن الله يقول: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}. قالت: ومن زعم أن رسول الله ÷ أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ} وفي رواية أخرى عن مسروق قال: سألت عائشة هل رأى محمد ربه؟ فقالت: سبحان الله لقد قفّ شعري لما قلت، وساق الحديث ... إلخ.

أخرجه البخاري ٤/ ٢٣٨، ومسلم ١/ ١١٠ عن مسروق عن عائشة بلفظ متقارب وانظر (رؤية الله تعالى بين العقل والنقل) تأليف: الأستاذ عبد الله بن حمود العزي.