[البديهة]
  [الجواب]: قد تقدم، معنى الثواب: الكفاية، أجزأني بمعنى: كفاني، وهذا يجزي أي يكفي، وجازى فلان فلانا إذا فعل في مقابلة فعله ما يكفي عن مكافأته بخير كان أو شر، والثواب لا يكون حقيقة إلا في الخير وقد يكون في الشر مجازا لا حقيقة؛ لأن الحقيقة ما سبق إلى الأفهام، وإذا قيل أثاب فلان فلانا، سبق معنى الخير دون الشر، وإذا قيل جازى فلان فلانا، تردد الفهم بين المجازاة من الخير والشر، فيقال بما ذا جازاه؟ وقال تعالى: {وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ}[سبأ: ١٧]، فجعل العقاب جزاء. فتفهم ذلك موفقا.
[البديهة]
  قال تولاه الله بتوفيقه: وأيضا في قولهم: إنما يعرف بالبديهة هو مثل أن العشرة أكثر من الخمسة، وقد يوجد في العقلاء من لا يفرق إذا قيل له التسعة أكثر أو السبعة، قال: وإنما هذا عدد وحساب، كما أن كثيره لا يعرف إلا بالتعليم، كالمترب، فكذلك قليله، قال: ويقال الذي يعرف بالبديهة كالحال من العارف.
  الجواب عن ذلك: اعلم أنهم وضعوا هذا اللفظ موضع التمثيل، وغرهم فيه أن من عرف اصطلاح العرب في أن العشرة ضعف(١) الخمسة فإنه يعلم أنها أكثر منها لأنها مثلها مرتين، ولا يختلف العقلاء في ذلك، ولم يقصروا من لم يعرف المواضعة كالعجم فإنهم يعرفون المعنى دون اللفظ لأنهم يعلمون أن الاثنين ضعف الواحد وأكثر منه وإن لم يعرفوا العشرة ولا الخمسة. قالوا: ما
(١) في الأصل ضعفها والصحيح: ضعف.