مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الثالثة في ترتيب الديوان وجواز المفاضلة بينهم في العطاء

صفحة 48 - الجزء 1

  اعلم أيدك الله: أن الجزية هي المال المأخوذ عن الرقاب، مأخوذة في أصل اللغة من الإجزاء في وجوب طرف الأداء والمشاركة، وهي في مقابلة إقرار الملل الخارجة عن الإسلام وعلى وجه التصغير على كفرهم إلا ما استثناه الدليل كسب الأنبياء $، وإظهار قبائح مخصوصة وما جانس ذلك، وكانت تزيد في الأصل، وتنقص على قدر استظهار المسلمين وضعفهم، فقد يكون دينارا، ويكون أقل، وقد يكون أكثر إلى زمن عمر، ثم استوت عن تواطؤ من الصحابة ¤، وتشاور ولما ذكروا الفقير ومن لا يجد شيئا، فالولاية لا تعوز أعجز الناس وأكثرهم درهما في الشهر، فجعلوا عليه في السنة اثني عشر درهما، ولسنا نتمكن من استقصاء ما تحتمله المسائل لكثرة الأشغال وقلة الفراغ، وكون ذلك يتسلسل إلى شيء كثير وكان يتعلق به نفع، ولكن لم نتمكن مع المعاذير من بلوغه، فالله المستعان.

  ولما ضربت الجزية على الملل المخالفة لم يقع خلاف في الصدر الأول ولا في غيره من الأعصار دفعها إلى آل الرسول، وقد علمت أنما يخص الفقراء وأطلق الفقراء لم يجرفه إليهم، وكذلك فإن المسلمين بلغوا في بعض أزمنة الصحابة ¤ إلى حال لا يعلم في أهل الديوان فقير، ولم نعلم امتناعهم من جزية، ولا منعهم ولي الأمر عنها، ولأنها أخت الخراج؛ وذلك لأن الخراج في الأموال وهي في الرقاب، ولم يختلف المسلمون في جوازها للغني، فهذا هو الدليل في جواز صرفها في الغنى وهو المذهب.

المسألة الثالثة في ترتيب الديوان وجواز المفاضلة بينهم في العطاء

  مع كون الفاعل لذلك قسم بالسوية، وعدل في الرعية وما الدليل؟

  الجواب عن ذلك: اعلم أيدك الله أن الديوان حادث في زمن عمر، وكان الأمر بعده جار عليه، وقبله غير منتظم لوجهين: