المسألة الرابعة في عذاب القبر [482]
  وأما الميزان فقسطاس يوزن به الحق والباطل فيتضح الراجح من الشائل فتعظم لذلك حسرة المجرمين وتتعاظم مسرة المسلمين.
  فإن قيل: وما الموزون؟ والأعمال أعراض لا يصح وزنها.
  قلت: الموزون إنما توزن صحائف الأعمال كما روينا عن النبي المفضال ÷ أنه قال: «يؤتى بطوامير كأمثال الجبال ويؤتى بصحيفة توازي إصبعين فتوضع تلك الطوامير في كفة وتلك الصحيفة في كفة فترجح بها الصحيفة التي توازي إصبعين، فقيل: يا رسول الله ما فيها؟ قال: فيها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ÷»، وآيات القرآن مصرحة بالوزن يوم القيامة وثقل الموازين وخفتها فلا وجه لصرفه عن الظاهر لغير موجب لأن الواجب اتباع ظاهر كتاب الله سبحانه وسنة نبيه ÷ إلا ما منع منه الدليل وقد قيل: إنه العدل، وما قلنا هو الأولى عندنا لمطابقة السنة للكتاب فيه.
المسألة الرابعة في عذاب القبر [٤٨٢]
  الجواب عن ذلك: أن المخالف في عذاب القبر من العدلية هم البغدادية ومن طابقهم، ومذهبنا أن عذاب القبر صحيح، والدليل عليه السمع الشريف والآثار الزكية قال تعالى: {رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}[غافر: ١١]، والموت الحقيقي لا يكون إلا بعد حياة حقيقية فماتوا في الدنيا وحيوا في القبر وماتوا في القبر وحيوا في البعث، وقال تعالى في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ}[غافر: ٤٦]، وقال تعالى في قوم نوح: {مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً}[نوح: ٢٥].