مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الحادية عشر [في القرآن]

صفحة 23 - الجزء 1

  بباق لأنه كلام ولأنه لو كان باقيا لوصف بالبقاء ووصف البقاء يبقى إلى ما لا نهاية له، وإذا كان مع الإنسان اختياري ومع الملك اختياري فلا فرق.

  قال الراوي عنه: وألزم فيه إلزامات كثيرة.

  الجواب عن ذلك: أن هذه المسألة وأمثالها أوجبت عليهم ضرب الأعناق وإقامة الحرب على ساق، لأنهم خالفوا ما علم من دين محمد ÷ ضرورة، ومن خالف ما علم من دينه ÷ ضرورة فقد كفر بإجماع المسلمين.

  والمعلوم من دينه ÷ أنه كان يغشى مجامع العرب ومحافلهم، ويقرأ عليهم القرآن، ويعلمهم أنه كلام الله ووحيه وتنزيله دون أن يكون كلام له ولا لغيره من المتكلمين، ويتحدى العرب على الإتيان بمثله، فلو كان مقدورا لهم لعارضوا، أو لو فهموا مذهب إخوانهم المطرفية لعن الله الجميع لقالوا: قد عارضناه وأعادوا تلاوة السورة، وقالوا: هذا غير ذلك، ولقالوا: ليس هذا الذي يخاطبنا به كلام الله، وإنما كلام الله في قلب الملك لا يفارقه، فأما هذا الذي تتلوه علينا فهو كلامك فما وجه دعواك لتميز علينا به [فيما] يشاكل هذا.

  فأما قوله: هو كلام، فهو لا شك كلام، فأما قوله إذا فرغ القارئ فقد بطل، فإنما تبطل التلاوة التي يحمد عليها العبد، ويذم إذا تلى على غير الشرط الذي أمر به، فأما المتلو الذي هو المقطع تقطيعا مخصوصا فلا يجوز عدمه إلى انقطاع التكليف لقول النبي ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»⁣(⁣١) فأخبر سبحانه ببقاء الكتاب العزيز وملازمة العترة الطاهرة له، لا كما قال المطرفي الكافر.

  وأما قوله: لو بقي لكان يبقى وكان للبقاء بقاء فلعذر فيما نظن عجيب


(١) سبق تخريج الحديث في الرسالة النافعة.