فصل [في إجماع أهل البيت $]
  واجبة الاتباع، فما دل عليه عدله وحكمته يوجب ذلك، ألا ترى أن قاضيا من قضاة المسلمين لو قال: قد اخترت فلانا شاهدا ووجب عندي قطع الحق بقوله، لدلنا ذلك أنه قد رضي بقوله وثبتت عدالته عنده، وأنه لا يقول إلا ما يجب العمل به فعلّام الغيوب أولى بذلك إذا اختار هذا النصاب للشهادة على الناس دل ذلك على أنهم عدول عنده وأنهم لا يقولون إلا الحق، وما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون.
  وقول من يقول: إن عموم الآية يتناول جميع ولد إبراهيم من اليهود والنصارى وغيرهم من ولد إبراهيم من سائر القبائل، قول لا وجه له، لأنه وإن كان كذلك فإن الأخبار الواردة من جهة النبي ÷ ما أوجب متابعة من عدا عترته من القبائل، فالآية وإن كانت عموما قد خصتها الأخبار الواردة عن الرسول ÷ والكتاب والسنة محدثان إلى جهة واحدة، فلا يجوز الفرق بينهما، ولم ينص الرسول ÷ على أن قول غير عترته من القبائل حجة، فيجب حمل الآية على أن المراد بها عترته $ دون سائر ولد إبراهيم لهذه الدلالة، فهذا الذي دل عليه الكتاب.
  وأما السنة فالدلالة منها قول النبي ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» والكلام في هذا الخبر يقع في موضعين: أحدهما في صحته في نفسه، والثاني: في وجه الاستدلال به، أما الكلام في صحته فإن ظهوره بين الأمة وانتشاره فيها بحيث لا دافع له ولا راد له، دلالة على صحته، لأنه لو لم يكن من الرسول ÷ لدفعوه وردوه لأنه يتضمن وجوب متابعتهم قولا وعملا واعتقادا، وذلك وجوب اتباعهم في الأصول والفروع على ما بينه.