مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الخامسة

صفحة 436 - الجزء 1

  للإمام تأخير إقام الحدود لبعض الموانع، كمصافة العدو، وخوف حدوث الفتق الذي لا يمكن تلافيه وشبه ذلك فإن له تأخير الحدود وشبهها في هذه الحال، ولا يجوز للإمام وإن خشي الضرر الحكم بغير الحق، وإنما له تأخير إنفاذ الحكم لا غير.

  وسأل أيده الله عن معنى قول النبي ÷: «من ولي أمر غيره من المسلمين جاء يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه حتى يكون عدله الذي يفكه وجوره الذي يوبقه» وفي بعض الأخبار: «جاء يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه حتى يتوسط على الصراط فإن كان عادلا فكه عدله وإن كان جائرا زلت قدمه فهوى في جهنم سبعين خريفا» كيف يكون عادلا، ثم يغل في تلك الحال مع قول الله تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}⁣[الأنبياء: ١٠٣].

  الكلام في ذلك: أن معنى الخبرين وما شاكلهما معنى التمثيل، وذكر الغل كذلك إذ القيامة صرف الله عنا وعن الصالحين أهوالها لا ينتهى إليه إلا بعد كشف الغطاء في السعادة والشقاوة فنسأل الله التوفيق؛ ولأن الغل نهاية الإهانة والاستخفاف ولا يجوز إنزاله بمن يستحق التعظيم؛ فلما كان الأمير مطلق اليد في الدنيا على من هو أمير عليه إما بالقدرة أو بالحكم من الله سبحانه قوبل بالغل في الآخرة تمثيلا؛ فإن كان عادلا وصل القيامة وصار في العرصة كالمغلول يصل الصراط فيكون جوازه عليه كإطلاق المغلول لا غير، وإن كان جائرا وصل القيامة مغلولا حقيقيا، ثم تزل قدمه من الصراط إلى النار على تلك الحال؛ فنعوذ بالله من الشقوة اللازمة، والحسرة الدائمة، ونسأله السعادة الكاملة، والنعمة الشاملة، والصلاة على النبي وآله وسلم.