مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الثالثة في ترتيب الديوان وجواز المفاضلة بينهم في العطاء

صفحة 50 - الجزء 1

  وغيرهم من ألفين ألفين، وقال قوم أشراف أو وددت أن أتألف بهم قومهم، فاستقر الديوان على هذا بإجماع من غير مناكرة ولا منازعة.

  هذا هو الدليل على المفاضلة لأنها واقعة كما ترى بمحضر الجميع ورأيهم.

  وأما قوله أيده الله: كيف يصح صفة من هذا بقسمة التسوية والعدل في الرعية ولا مانع من ذلك لأن حكم المسلمين تقسيم المواريث عشرا وسدسا ونصفا وربعا إلى غير ذلك، ولا ندري أيهم أقرب نفعا للميت، كما قال الله تعالى، ويوصف بقسمة السوية لأن أصل السوية الفعل، لأن الله تعالى رفع سمك السماء فسواها وهي ذات حبك وطرائق، كما ذكر في آية أخرى، وقوله تعالى لا يتناقض ولا يختلف، وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى}⁣[الأعلى: ٢]، وفي خلقه الزيادة والنقصان يعلم ذلك ضرورة، ولهذا ضلت الفرقة الجاهلة، فرفعت حكم المشاهدة، فأنكرت الضرورة بصفة الإمام، والحال هذه أنه قسم بالسوية بمعنى قسم على وجه يغلب في ظنه المصلحة لأن علم الغيب مستحيل على العباد، وهو عدل لأنه حكم بحكم الله، ونحن نصف الباري بالعدل، وأنه أعطى أحدنا ألفا والآخر درهما، إذ العدل هو إيفاء حق الغير واستيفاء الحق منه، ولا حق لنا في ماله إلا ما أعطانا، ولا في الغنائم إلا ما أعطانا نبيه ÷، ولم يختلف أحد في جواز التنفيل وما هي المفاضلة إلا هذا، وإنما أهلك الناس أيدك الله تعالى هواجم نجمت في الإسلام لم ترتضع بثدي الهدى، ولا اغتذت بدر الحكمة، ولا سألت ورثة العلم عن علمها، ولا أرباب الكتاب عن كتابهم، وعملت برأي السفهاء تمردا على الله ولن تعجزه، وعذاره للحق ولم تنقصه، ولم يهمل الله دينه، وقد أيده بحفظه، وحرسه بحماته من عترة نبيه ÷ الذين هم تراجمة الكتاب، وأعرف الناس بالهدى والصواب، لم يضل من تبعهم، ولا يعمى من استضاء بنورهم.