مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

كتاب وصية البنات

صفحة 567 - الجزء 1

  

  وصلى الله على محمد وآله

  الحمد لله الذي بدوام حمده استحق من العباد حمده، وبإخلاص عبادته أصاب المتعبد رشده، وصلى الله على النبي المنتجب، وعلى ذريته أئمة العجم والعرب.

  أما بعد:

  فإن حق الوالد على الولد يترتب على قيام الوالد بحق الولد، قال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً}⁣[الإسراء: ٢٤]، فوجوب الرحمة عليهما فرع على تقدم التربية منهما، وقال تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً}⁣[الأحقاف: ١٥]، وقال تعالى: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ}⁣[البقرة: ٢٣٣]، وفي الحديث: «بروا أولادكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساءكم».

  وعلى الوالد لولده تحسين اسمه، وتحسين لقبه، وأن يختار له من الأمهات ما لا يعاب بها، وإذ قد تقرر من هذه القاعدة ما تقرر فقد رأيت أن الذي يلزم الوالد للولد هو مقدم على ما يلزم الولد للوالد، فإن لم يقم الوالد بما يلزمه من ذلك كان عقوق الولد له قصاصا وجفوته ثأرا، فمتى أرضعته الأم وأحسنت الغذاء بنهاية جهدها، ونظفت الولد من أقذاره وأدرانه، وقامت بما